ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية اليوم الأربعاء، نقلًا عن عدد من مسؤولي إدارة الرئيس دونالد ترامب، أن هناك قلقاً داخل الإدارة من احتمال تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن اتفاق غزة الذي تم التوصل إليه في مدينة شرم الشيخ المصرية في 9 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، والمستند إلى خطة الرئيس الأميركي لوقف الحرب في القطاع.
ويأتي ذلك في ظل وجود نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، والمبعوثين جاريد كوشنر وستيف ويتكوف في إسرائيل، لبحث الخطوات المقبلة المتعلقة بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وأوضح المسؤولون أن مهمة هؤلاء الثلاثة تتمثل في منع نتنياهو من استئناف هجوم عسكري شامل ضد حركة حماس.
وفي سياق متصل، أفادت قناة كان الإسرائيلية بأن الولايات المتحدة تتابع عن كثب كل ما يجري في غزة، بل وتشارك في اتخاذ بعض القرارات الميدانية أو تمنع تنفيذ بعضها، من خلال مقر القيادة المشتركة الذي أُنشئ مؤخراً في مدينة كريات غات ضمن إطار التنسيق الأمني بين الجانبين.
ونقلت القناة عن مسؤول إسرائيلي حضر اجتماعاً في هذا المقر قوله إن “إسرائيل تبدو اليوم وكأنها محمية أميركية”، مضيفاً أن “الأميركيين يراقبون كل ما يحدث في غزة، ويبذلون جهوداً حثيثة للحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار، حتى لو تطلب ذلك تقييد بعض العمليات العسكرية الإسرائيلية”.
كما نقلت القناة تصريحات نائب الرئيس الأميركي فانس الذي أكد أن “الوضع في غزة حساس للغاية”، مشيراً إلى أن “العمل لا يزال طويلاً أمامنا”، وأضاف فانس: “يظن البعض أن أي خرق للهدنة يعني نهاية الاتفاق، وهذا غير صحيح تماماً”، مؤكداً أن واشنطن ملتزمة بإعادة جميع الأسرى الإسرائيليين القتلى، رغم تعقيد ملف الجثامين وصعوبة حله بسرعة.
وفي موازاة ذلك، أعلنت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية، شوش بيدروسيان، أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو سيصل إلى إسرائيل غداً الخميس، على أن يلتقي نتنياهو يوم الجمعة، وأشارت إلى أن هذه الزيارة هي الثالثة لروبيو منذ منتصف سبتمبر/أيلول الماضي.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك في القدس المحتلة، قال فانس إن سلسلة الزيارات التي يقوم بها كبار المسؤولين الأميركيين تهدف إلى الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الهش في غزة، وليس إلى مراقبة طفل صغير، وفي المقابل، سخرت صحيفة معاريف العبرية من ذلك، مشيرة إلى أن ترامب أرسل جليسة أطفال – في إشارة إلى فانس – لمراقبة نتنياهو.
وأوضحت الصحيفة أن ترامب يدرك حاجة نتنياهو إلى عفو رئاسي أميركي، ويعلم أنه يواجه ضغوطاً من الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، كما يدرك أن أي تأخير في تطبيق المرحلة الثانية من اتفاق غزة يعزز موقع حركة حماس، ويقوض خططه الإقليمية الأوسع التي تشمل سوريا ولبنان والخليج وحتى إيران.
وبالتزامن مع وجود الوفد الأميركي في إسرائيل، وصل رئيس المخابرات المصرية حسن رشاد إلى تل أبيب أمس الثلاثاء، وهبطت طائرته في مطار بن غوريون، وهو ما اعتبرته معاريف مؤشراً على “تحول واضح في المشهد”، إذ أن الولايات المتحدة أنشأت مقر التنسيق الخاص بها في كريات غات، ما يعيد دورها التقليدي كشرطي للعالم.
وأشارت الصحيفة إلى أن رسالة زيارة فانس كانت واضحة: الولايات المتحدة لن تسمح لحركة حماس بالبقاء مسلحة أو بالمشاركة في الحكومة الجديدة في غزة، وفي الوقت ذاته، لن تسمح لإسرائيل بالتراجع أو المماطلة في تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار.
ويواجه الاتفاق ضغوطاً متزايدة في الأيام الأخيرة، مع تكرار الانتهاكات الإسرائيلية لبنوده. وتبقى قضايا معقدة عالقة، أبرزها كيفية إقناع حركة حماس بالتخلي عن سلاحها، وهو ما يصر نتنياهو على اعتباره شرطاً لإنهاء الحرب، فيما تعتبره الحركة استسلاماً كاملاً، وعند سؤاله عن هذه المسألة، رفض فانس الكشف عن تفاصيل، مكتفياً بالقول: “سنواصل العمل على ذلك”.
كما لا يزال الدور المحتمل للسلطة الفلسطينية موضع جدل، إذ يستبعد نتنياهو بشكل متكرر أن تتولى إدارة قطاع غزة بعد الحرب، في حين تسعى واشنطن وحلفاؤها لتحديد شكل المرحلة المقبلة.
