في خضم التوتر المتجدد بين إسرائيل وحركة حماس، عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليصدر تصريحات مثيرة حول الوضع في غزة، كاشفًا عن استعداد عدد من الدول الحليفة في الشرق الأوسط للمشاركة في تحرك عسكري قوي وكبير إذا استدعت الظروف ذلك.
وجاءت تصريحات ترامب في منشور على منصته الخاصة تروث سوشيال اليوم الثلاثاء، حيث قال إن “العديد من حلفائنا العظماء في الشرق الأوسط والمناطق المحيطة به، أبلغوني بشكل صريح وحماسي بأنهم يرحبون بالفرصة، بناءً على طلبي، للتدخل في غزة بقوة كبيرة لتقويم حماس إذا استمرت في التصرف بشكل سيئ”، وأضاف أن “روح الحب والدعم للشرق الأوسط لم نشهدها منذ ألف عام، إنه أمر رائع بحق”.
ورغم هذا الخطاب الذي حمل نبرة تأييد واضحة لأي تحرك محتمل، أوضح ترامب أنه أبلغ هذه الدول إلى جانب إسرائيل، بأن “الوقت لم يحن بعد”، مؤكداً أنه لا يزال هناك أمل في أن “تقوم حماس بما هو صائب” إلا أنه حذر الحركة من نهاية سريعة وعنيفة وقاسية إذا لم تفعل ذلك.
هدنة هشة ومخاوف من التصعيد
تأتي هذه التصريحات في وقت تتبادل فيه إسرائيل وحماس الاتهامات بانتهاك الهدنة القائمة، بعدما شهدت الأيام الأخيرة اشتباكات متقطعة في غزة ومحيطها، وعلى الرغم من ذلك أكد الطرفان أنهما ما زالا ملتزمين باتفاق وقف إطلاق النار في محاولة لتفادي انهياره الكامل.
وفي تصريح آخر أدلى به ترامب للصحفيين في البيت الأبيض الاثنين، قال: “لقد أبرمنا صفقة مع حماس كما تعلمون، وسيُظهرون سلوكًا جيدًا، سيكونون لطفاء، وإن لم يفعلوا، سنذهب ونقضي عليهم إذا لزم الأمر، سيُبادون وهم يعلمون ذلك.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إن ترامب يعتقد أن قادة حماس “مستعدون لمواصلة المفاوضات بحسن نية”، مشيرًا إلى أن الهجوم الأخير على قوات إسرائيلية نفذته عناصر هامشية من الحركة.
تحركات أمريكية دبلوماسية موازية
في السياق نفسه وصل نائب الرئيس الأمريكي، جي دي فانس، الثلاثاء، إلى إسرائيل، في زيارة تهدف إلى دعم جهود واشنطن للحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار، وانضم فانس إلى ستيف ويتكوف، مبعوث الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط وجاريد كوشنر صهر ترامب، في إطار مساعٍ مكثفة لمنع انهيار الاتفاق.
وتأتي الزيارة وسط تصاعد القلق داخل الإدارة الأمريكية من احتمال انسحاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الصفقة، خاصة بعد القصف الإسرائيلي الأخير الذي أودى بحياة عشرات الفلسطينيين الأحد الماضي، ردًا على مقتل جنديين إسرائيليين، في حادثة نفت حماس مسؤوليتها عنها.
ونقلت نيويورك تايمز عن مسؤولين في إدارة ترامب قولهم إن هناك “خشية حقيقية من أن نتنياهو قد يتراجع عن الصفقة”، مشيرين إلى أن الاستراتيجية الأمريكية الحالية تركز على إقناع تل أبيب بعدم استئناف الهجوم على غزة.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إن ويتكوف وكوشنر يدركان أن الوضع حساس للغاية، وأن صفقة السلام التي تفاوضا عليها معرضة للانهيار، وأوضح أن الفريق الأمريكي يعمل أيضاً على معالجة عدد من القضايا المعقدة التي لم تُحسم في الاتفاق الأولي بين الجانبين.
غزة بين احتمالات الهدوء والانفجار
وتبرز التطورات الأخيرة حجم العقبات التي تواجه الجهود الأمريكية والدولية للحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة، بعد حرب استمرت قرابة عامين وتركت وراءها دمارًا واسعًا وأزمة إنسانية خانقة.
وبينما تحاول واشنطن ضبط إيقاع التهدئة عبر تحذيرات ترامب الدبلوماسية ورسائله المشفرة، يبقى مستقبل غزة معلقًا بين خيارين واضحين: الالتزام بالهدنة الهشة أو العودة إلى دوامة الصراع المفتوح.
